تأثير ظروف المعالجة على المركبات الفينولية وخصائص مضادات الأكسدة في دبس التمر

عنوان الدراسة/ تأثير ظروف المعالجة على المركبات الفينولية وخصائص مضادات الأكسدة في دبس التمر

الباحثون/ فاطمة عباس، ووصال كشاو، وكريستوف بليكر، ومارك أونجينا، وجورج لوغناي، وحمادي عطية، وسُهيل بسبس.

لقد احتلت نخلة التمر مكانة كبيرة منذ آلاف السنين، في مختلف أرجاء العالم، ولا سيما الصحراء التونسية؛ إذ كان التمر المصدر الرئيسي للدخل؛ وأصبح من أهم الفواكه وأكثرها انتاجًا وتاثيرًا في الاقتصاد؛ إذ قُدر إنتاج التمور سنويًا بحوالي 145,000 طنًا؛ وفقًا لتقدير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، عام 2009.

مع كبر حجم الإنتاج، إلا أنَّ هناك زيادة كبيرة في فقد التمور؛ سواء في أثناء الحصاء، أم التخزين، أم حتى التسويق والبيع؛ فلا تلقى التمور منخفضة الجودة استحسانًا كبيرًا بين مستهلكي التمور، فيكون مصيرها أن تُلقى علف للحيوانات، أو يُستخدم الجيد منها في انتاج بعض المنتجات، مثل: المخبوزات والمشروبات والمربى والحلويات.

وللأسباب المذكورة آنفًا اتجهت البحوث في الآونة الأخيرة إلى إيجاد حلول لمشكلة فقد التمور للاستفادة منها اقتصاديًا مع محاولة تطويرها في صورة منتجات جديدة تحمل قيمة غذائية واقتصادية عالية.

ويتناول هذا البحث أحد منتجات التمر، ألا وهو “رب التمر” ولا عجب من هذا الاسم المعروف به دبس التمر في بعض الدول، مثل: ليبيا والعراق وتونس، أما (Date syrup) فهو اسم دبس التمر بالانجليزي .

وعادة ما يدخل دبس التمر في بعض المنتجات، مثل: منتجات الآيس كريم والمشروبات والحلويات والمخبوزات والمعجنات وعصير التمر والمربى والزبدة؛ إذ يُهدف به التحلية الطبيعية أو رفع القيمة الغذائية؛ ولا سيما بسبب المحتوى العالي من مضادات الأكسدة في دبس التمر بالإضافة إلى الكربوهيدرات والمعادن والأحماض الأمينية.

ونظرًا لأهمية مضادات الأكسدة لصحة الإنسان ودورها في تقليل خطر الإصابة ببعض أنواع السرطانات، هدفت الدراسات لإيجاد أفضل طرق معالجة التمور لإنتاج منتجات تحافظ على القيمة الغذائية والنشاط المضاد للأكسدة، فهيا بنا نبدأ تناول هذه الدراسة لنرى هل تؤثر ظروف المعالجة على نشاط مضادات الأكسدة في دبس التمر!

 تأثير ظروف المعالجة على المركبات الفينولية وخصائص مضادات الأكسدة في دبس التمر

تُستخدم إنزيمات البكتينيز والسيليولاز في أثناء معالجة بعض الفواكه لزيادة معدل استخلاصها، وبما أنَّ هذه الأنزيمات قد تؤثر في محتويات جدران الخلايا النباتية، مثل: البكتين والسيليلوز، فلابد أنَّها قد تؤثر سلبًا في محتوى الفواكه هذه من الفينولات ومضادات الأكسدة؛ ومع ندرة الدراسات التي تبحث في هذا التأثير، اهتمت هذه الدراسة بالبحث في تأثير معالجة التمور بإنزيمات البكتينيز والسيليولاز على المركبات الفينولية وخصائص مضادات الأكسدة في دبس التمر.

تحضير المواد المستخدمة في البحث

كانت التمور المستخدمة منخفضة الجودة في مرحلة النضج التامة (مرحلة التمر)، واختيرت من أشهر الأنواع التونسية، مثل: تمر دقلة نور وتمر العليق وتمر كنتيشي، وقدرت الكمية الكلية المستخدمة في الدراسة من التمور بعشرة كيلوجرامات من كل صنف، ووزعت في أكياس، بلغ وزن الكيس الواحد نصف كيلو جرام تقريبًا، ثم خُزنت عند درجة حرارة 20 درجة تحت الصفر لحين الاستخدام.

بعد ذلك، أُذيبت التمور من التجميد، ثم نُظفت ونزع منها النوى وطحنت باستخدام مفرمة اللحم، لنحصل منها على عجينة التمر.

أيضًا جُهزت إنزيمات البكتينيز والسيليولاز التجارية المستخلصة من فطر الأسبيرجليس نيجر (Aspergillus niger)‏ من شركة سيجما كيميكال، بمنطقة سانت لويس، بالولايات المتحدة الأمريكية، وخُزنت في درجة حرارة 4 درجة مئوية.

استخلاص دبس التمر

أُجريت ثلاث تجارب مستقلة لكلِّ عينة من عينات التمر، ونبدأ أولًا بخطوات الاستخلاص التقليدية كالآتي: 

  1. خلط 400 جرام من معجون التمر من كل صنف من التمور مع 1200 مللي من الماء.
  2. وُضعت العينة في حمام مائي عند درجة حرارة 100 درجة مئوية مدة 15 دقيقة.
  3. صُفي المحلول الناتج باستخدام قماش فلترة ثم وُضع بجهاز الطرد المركزي بقوة 2907 مدة 15 دقيقة.

إليك الخطوات المتبعة لمعرفة تأثير إنزيمات البكتينيز والسيليولاز:

  1. وزن 400 جرام من معجون التمر من كل صنف من التمور وخلطت مع 1200 مللي من الماء.
  2. ضُبطت درجة الحموضة إلى 4 باستخدام حمض الستريك.
  3. أضيف 50 وحدة من أنزيم البكتينيز، وخمسة وحدات من أنزيم السيليولاز، لكل 100 جرام من معجون التمر.
  4. خُلطت العينات جيدًا ووُضعت في حمام مائي عند درجة حرارة 50 درجة مئوية مدة 120 دقيقة.
  5. عُطلت الانزيمات عن طريق تسخين العينة عند درجة حرارة 90 درجة مئوية مدة 5 دقائق.
  6. صُفي المحلول الناتج باستخدام قماش فلترة ثم وُضع بجهاز الطرد المركزي بقوة 2907 مدة 15 دقيقة.
  7. لتحضير دبس التمر، رُكز المحلول الناتج عند درجة حرارة 100 درجة مئوية باستخدام لوح تسخين.

تحديد محتوى الفينولات الكلي 

قُدِّر محتوى المركبات الفينولية الكلي (أحد أنواع مضادات الأكسدة في دبس التمر) باستخدام طريقة فولين- سيوكالتو، وعُبر عن النتائج بالملليجرام من حمض الجاليك المكافئ.

تحديد محتوى الفلافونويدات الكلي

إليك طريقة تحديد محتوى الفلافونويدات الكلية (أحد أنواع مضادات الأكسدة في دبس التمر): 

  1. خُلط 1 مللي من كل عينة (تحتوي العينة على 0.1 جرام من التمر/مللي) مع 4 مللي من الماء المقطر و0.3 مللي من نتريت الصوديوم (NaNO2) بتركيز 5%.
  2. بعد 5 دقائق، أُضيف 0.3 مللي من كلوريد الألومنيوم (AlCl3) بتركيز 10% وُترك مدة دقيقة واحدة، ثم أُضيف 2 مللي من هيدروكسيد الصوديوم (NaOH) بتركيز 4% إلى الخليط، وأُضيف 2.4 مللي من الماء في الحال.
  3. حُرك الخليط وتُرك مدة 15 دقيقة.
  4. قُيس الامتصاص عند طول موجي 510 نانومتر.
  5. حُسب محتوى الفلافونويدات الكلي بناءً على منحنى المعايرة لمحاليل الكاتيكين، وعبر عنها بالملليجرام من حمض الكاتيكين المكافئ لكل 100 جرام من دبس التمر.

تحديد محتوى الكاروتينويدات

إليك طريقة تحديد محتوى الكاروتينويدات (أحد أنواع مضادات الأكسدة في دبس التمر):

  1. طُحن 2 جرام من عينة التمر باستخدام هاون ومدقة لمدة 10 دقائق مع 25 مللي من الأسيتون والإيثانول بنسبة 1:1 مع (200 ملليجرام/لتر) من بوتيل هيدروكسي تولوين (BHT)، الذي ساعد على حماية المواد المراد تحليلها من الأكسدة المحتملة.
  2. بعد الاستخلاص، وضعت العينة بجهاز الطرد المركزي بقوة 1500 لمدة 15 دقيقة عند درجة حرارة 4 درجة مئوية.
  3. أعيد الباقي إلى الهاون، وأعيد استخلاصه باستخدام محلول الاستخلاص حتى اختفاء اللون. 
  4. أخيرًا، أضيف مذيب الاستخلاص إلى المحلول الناتج المصفى حتى وصل الحجم الكلي 100 مللي.
  5. قُيس الامتصاص عند 470 نانومتر باستخدام مطياف الضوء المرئي.
  6. حُسبت الكاروتينويدات الكلية باستخدام المعادلة التالية، (ووُقدرت بوحدة الملليجرام لكل 100 جرام من الوزن الطازج): (الكاروتينويدات الكلية = Ab × V × 10^6 A1% × 100G).

إذ يكون (Ab) هو الامتصاص عند 470 نانومتر، و(V) هو الحجم الكلي للمستخلص، و(A1%) هو معامل الانطفاء لمزيج 1% من الكاروتينويدات عند 2500، و(G) هو وزن العينة (جرام).

تقييم خصائص مضادات الأكسدة في دبس التمر

توجد عديد من الطرق العلمية لقياس نشاط مضادات الأكسدة في الأغذية، بما في ذلك دبس التمر، من بين هذه الطرق ما يلي:

  1. تحديد القدرة المضادة للأكسدة الكلية

قُدِّرت قدرة مضادات الأكسدة في دبس التمر اعتمادًا على اختزال عنصر الموليبدينوم من التكافؤ السداسي إلى الخماسي ((Mo(VI) إلى (Mo(V) في وجود مضادات الأكسدة، مكونًا فيما بعد مركبًا فوسفاتي أخضر مرتبطًا مع الموليبدينوم الخماسي (Mo(V عند درجة حموضة منخفضة، وقُدرت القدرة المضادة للأكسدة بحمض الأسكوربيك المكافئ بالملليجرام لكل جرام من عينة التمر.

  1. تحديد قدرة كسح الجذور الحرة (آلية عمل مضادات الأكسدة)

قُدِّر النشاط الماسح للجذور الحرة لدبس التمر باستخدام اختبار DPPH، أي الكسح الجذري لجذر DPPH، ويُعنى بهذا الاختبار أن جذر DPPH يعمل كمستقبل للإلكترون من جزيء مانح، مثل: مضادات الأكسدة، فيتحول جذر DPPH إلى DPPH2.

حُسب النشاط الماسح للجذور الحرة بالمعادلة الآتية:

نسبة تثبيط الجذور الحرة= [(امتصاص العينة الضابطة – امتصاص عينة دبس محل الاختبار) / امتصاص العينة الضابطة] × 100

وُضحت فعالية مسح الجذور الحرة للعينات على DPPH بقيمة تسمى IC50 (أي تركيز العينة (بالمليجرام لكل مللي) اللازم لخفض تركيز DPPH بنسبة 50%، أي كمية العينة التي تحتاجها لتقليل نشاط الجذور الحرة إلى النصف.

  1. تحديد القدرة المضادة للأكسدة على اختزال الحديديك (FRAP assay)

قيم نشاط مضادات الأكسدة في دبس التمر باستخدام اختبار القدرة المختزلة للحديد أي اختزال الحديد من التكافؤ الثلاثي إلى التكافؤ الثنائي بفضل مضادات الأكسدة تحت ظروف مناسبة، ووُضحت النتائج بوحدة مللي مولار من الحديد الثنائي لكل 100 جرام من وزن دبس التمر.

  1. تحديد قدرة كسح بيروكسيد الهيدروجين

أجري اختبار القضاء على بيروكسيد الهيدروجين بطريقة تشبه طريقة اختبار كسح الجذور الحرة DPPH؛ وقُدرت نسبة تثبيط بيروكسيد الهيدروجين باستخدام المعادلة التالية:

نسبة القضاء على بيروكسيد الهيدروجين= [(امتصاص العينة الضابطة – امتصاص عينة دبس محل الاختبار) / امتصاص العينة محل الاختبار] × 100

وعبر عن قدرة العينة على القضاء على بيروكسيد الهيدروجين بقيمة IC50؛ أي تركيز العينة (بالمليجرام لكل مللي) اللازم لخفض تركيز بيروكسيد الهيدروجين بنسبة 50%.

  1. تحديد نشاط استخلاب المعادن

لا تختلف هذه الطريقة كثيرًا عن الطريقة السابقة، وهي باختصار تقييم قدرة دبس التمر على ربط الحديد باستخدام مادة كيميائية تسمى الفيرروزين؛ فعندما يرتبط الحديد بالفيرروزين يتغير لون المحلول؛ ومتى أضفنا دبس التمر إلى هذا الخليط فإنه يتنافس مع الفيرروزين على ربط الحديد، مما يؤدي إلى تغير لون المحلول؛ ونقيس هذا التغير في اللون لمعرفة قدرة دبس التمر على ربط الحديد؛ ونعبر عن قدرة دبس التمر على استخلاب المعادن والتي تؤكد النشاط المضاد بالأكسدة بقيمة IC50، (ذُكرت سابقًا).

نتائج الدراسة 

أظهرت أنَّ نشاط مضادات الأكسدة في دبس التمر، الذي قُيم باستخدام عدة طرق، مثل: اختزال عنصر الموليبدينوم، واختبار DPPH، واختزال الحديد وكسح أكسيد الهيدروجين واستخلاب المعادن، كان أعلى بشكل ملحوظ في دبس التمر المستخلص بالطريقة التقليدية مقارنة بدبس التمر الذي تعرض للمعالجة بإنزيمات البكتينيز والسيليولاز.

في النهاية لاحظنا كم تؤثر عملية المعالجة بالإنزيمات سلبًا على محتوى مضادات الأكسدة في دبس التمر، وأنَّ أفضل طرق الاستخلاص هي الطرق التقليدية؛ وأوصت الدراسة بإجراء مزيد من الأبحاث لتحديد نشاط مضادات الأكسدة في دبس التمر من الفينولات والفلافونويدات بدقة أكثر؛ لفهم أليات هذا النشاط المضاد للاكسدة، وفي النهاية نوصي بتناول دبس التمر الغني بمضادات الأكسدة؛ ليساعدنا على الوقاية من عديد من الأمراض المزمنة التي تنتشر في عصرنا اليوم. 

الملخص

سعت الدراسة لمعرفة هل تؤثر المعالجة بإنزيمات البكتينيز والسيليولاز سلبًا في محتوى مضادات الأكسدة في دبس التمر، واستخدمت عدة طرق لتحديد النشاط المضاد للأكسدة بدقة، مثل: اختزال عنصر الموليبدينوم، واختبار DPPH، واختزال الحديد، وكسح أكسيد الهيدروجين، واستخلاب المعادن، وأظهرت النتائج أن دبس التمر المستخلص بالطرق التقليدية يتميز بنشاط مضاد للأكسدة أعلى بكثير من دبس التمر المعالج بالإنزيمات؛ ولهذا السبب يُعد دبس التمر التقليدي أفضل المحليات الطبيعية الصحية الغنية بمضادات الأكسدة، ذي الفوائد العديدة للكبار والصغار.

 

المصطلحات العلمية

مضادات الأكسدة

 هي مواد تحمي خلايا جسمك من آثار الجذور الحرة، وتعرف الجذور الحرة بأنها جزيئات تنشأ في أثناء عملية هدم الطعام بالجسم أو عند تعرض الجسم لدخان التبغ والإشعاع. قد تؤدي الجذور الحرة دورًا في الإصابة بمرض القلب والسرطان

الفينولات:

هي مركبات كيميائية تحتوي على مركب الفينول وتحمل خواصَّ مضادة للأكسدة.

الفلافونيدات

 مجموعة من المركبات النشِطة بيولوجيًّا، وتوجد طبيعيًا في العديد من الأغذية والمشروبات النباتية الأصل، وهي من مضادات الأكسدة.

 

كُتب بواسطة:

Dr Shimaa Zaghloul
مشاركة
Facebook
Email
LinkedIn
Tumblr

Related post

TERMS AND CONDITIONS

Welcome to 7D VARIETY! We are delighted that you have decided to join our passionate community of writers. By agreeing to become a part of our community, you acknowledge and accept the following terms and conditions:

  • Personal Information Access: As a community member, you grant 7D VARIETY permission to collect your personal information, including name, contact details, and other relevant data for communication and content management. We are committed to ensuring the security and privacy of your personal information in accordance with our Privacy Policy.
  • Editing and Publishing of Articles: By submitting your content to 7D VARIETY, you grant us the non-exclusive right to edit, modify, and publish it on our platforms. We’ll make necessary edits for clarity, style, or grammar while preserving the integrity of your original work.
  • Copyright and Intellectual Property: By submitting content to 7D VARIETY, you affirm its originality and non-infringement of third-party rights. By agreeing to the terms, you grant 7D VARIETY an irrevocable, royalty-free license to use, reproduce, distribute, and display your content on our platforms and in related marketing materials.

By submitting this form, you signify your understanding and agreement to these terms and conditions.

قم بالاشتراك في النشرة الإخبارية لدينا!

Dates filled with wallnuts
Thank you for subscribing to our 7DVARIETY Daily Newsletter
Trusted Source

PubMed Central

Go to source