مراجعة نقدية: إمكانات ومدى آمان التمر لمرضى السكر

تناقش هذه المراجعة النقدية ما توصلت إليه أهم الأبحاث العلمية للتمور، والتي توضح مدى دور نخيل التمر في إدارة وعلاج مرض السكري.

كذلك نوضح الرد الكافي على جميع الأسئلة المتعلقة بمرض السكري والتمر، مثل: هل اكل البلح يرفع السكر؟، وكم حبة تمر لمرضى السكر؟، وافضل تمر لمرضى السكر، وما هي العلاقة بين التمر ومقاومة الانسولين؟، مشيرين أيضًا إلى التعريف بمرض السكري.

ما مرض السكري

يعد مرض السكري اضطراب أَيْضِيٌّ مزمِنٌ ناجم عن خَلَل في استقبال الكربوهيدرات والبروتين والدهون، ويلاحَظ انخفاض إفراز الأنسولين إلى جانب ضَعْف التحكم في الجلوكوز، وغالبًا ما يخضع مريض السكري لبروتوكول غذائي صارم ومقيَّدٍ طبيًا؛ حفاظًا على مستوي السكر في الدم بمعدله الطبيعي.

يجدُر بالذكر أن هناك نوعيْنِ من مرض السكري، يتميز النوع الأول بعدم قدرة الأشخاص على إنتاج الأنسولين، أما الأشخاص المصابون بداء السكري من النوع الثاني، فتكون أجسامهم قادرة على إنتاج الأنسولين، ولكن توجَد مقاومة للأنسولين.

يحدث تراكم الجلوكوز في الدم، عندما يكون الجسم غير قادرٍ على استخدام الأنسولين للحصول على الطاقة من الجلوكوز، وهذا ما يسمى ارتفاع نسبة السكر في الدم.

الجيد في الأمر أن هناك دراسات حديثة تبرهن مدى دَوْرِ ثمار التمر في إدارة السكري، نوضحها لكم في السطور القادمة، فتابعوا المزيد..

أُجريت دراسة عام 2020 مشيرة إلى أن ثمار نخيل التمر واحدة من الثمار التي لها  نشاط  مضاد لارتفاع السكر في الدم، وهذا يعني أنها تساعد على خفْض مستويات الجلوكوز في الدم، مما يجعلها جيدة في علاج مرض السكري.

يعود السبب في ذلك إلى احتواء ثمار التمر على مركبات تتحكم في مستويات السكر بالدم، مثل: مادة البوليفينول، والتي تمتلك خصائص مضادة للأكسدة.

وثُبت ذلك بالفعل عام 2016، إذ أُجريت دراسة بحثية على فئة مصابة بالداء السكري، و اعتمدت التجربة على الجمع بين البلح ومرض السكر، وتبين انخفاض مستويات السكر في الدم بصورة ملحوظة وزيادة تركيز الأنسولين.

ولا تقتصر آليات العمل المحتملة لمركبات البوليفينول على خصائصها المضادة للأكسدة فقط، بل تتمتع بقدرة على منع الإنزيمات، مثل: ألفا أميليز، وألفا  جلوكوزيداز، كذلك تحفيز خلايا بيتا التي تحفز إنتاج الأنسولين واستعادة أنسجة البنكرياس الصَّمَّاء، وتنشيط مستقبِلات الأنسولين، بالإضافة إلى تحسين المضاعَفات الناجمة عن مرض السكري، وهو ما يفسر العلاقة بين التمر ومقاومة الأنسولين.

كذلك أُجريت دراسة أخرى على الفِئران المصابة بارتفاع مستوى السكر بالدم، واعتُمد في هذه التجربة على الجَمْع بين البلح ومرض السكر؛ إذ تناولوا لُبَّ التمر مدة 14 يومًا وتَبَيَّن انخفاضٌ ملحوظٌ في مستويات السكر في الدم، ويُظَنُّ أن مادة البوليفينول الموجودة في ثمرة التمر تُبَطِّئُ من إفراغ المعدة، وأدى ذلك إلى انخفاض نسبة السكر في الدم.

أثبتت  دراسة أخرى أُجريت على الفِئران المصابة بارتفاع مستويات السكر بالدم، واستُخدمت ثمار التمر، وبالأخص تمر الأصيل، وجود تأثير ملحوظ لخفْض نسبة السكر في الدم لتمور أصيل في إدارة مرض السكري، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات قبل السريرية والسريرية للتحقق من ذلك.

كذلك أثبت العلماء من دراسة مختَبَرية انخفاضًا في مستويات السكر في الدم لدى الأشخاص، وتحَسُّنًا في إفراز الأنسولين، وافترض الباحثون أن الجينيستين، وهو نوع من الفلافونويد الموجود في التمر، يمنع خلايا بيتا من الخضوع لموت الخلايا المبرمج، وهذا أدى إلى زيادة عدد خلايا بيتا، ومن ثَم زيادة إفراز الأنسولين.

وأثبتت دراسة  مُخْتَبَرِيَّةٌ على الفِئران المصابة بداء السكري أن الاعتلال العصبي قد تَحَسَّن لمن أُعْطِيَتْ مستخلَص ثمار التمر، ويُظَنُّ أنه تحتوي مركبات الفلافونويد وفيتامين C الموجودة في ثمار التمر على خصائص مضادة للأكسدة ومضادة للجذور الحُرَّة التي تحمي من التلَف التأكْسُدي الذي يسبب الاعتلال العصبي.

كذلك تم الإبلاغ أن التمر يساعد على إنتاج عوامل نُمُوِّ الأعصاب التي تُسْهِم في دعم الخلايا العصبية، فضلًا عن أنه ثبَت أن الخل المشتق من ثمرة نخيل التمر فعَّال في تحسين وظائف الكَبِد لدى مرضى السكري.

فوائد التمر الصحية للجسم

الجيد من الأمر أنه لا تقتصر فائدة التمر على مرضى السكر فقط، بل هو إضافة مثالية للعديد من الأنظمة الغذائية المُتَّبَعة؛ ذلك أنه يحتوي على مقدارٍ كافٍ من الفيتامينات والمعادن والألياف الغذائية، فوُجِد أن 100 جرام من التمر تحتوي على الآتي:

• السعرات الحرارية: 277 كيلو كالوري.
• بروتين: 1.81 جرام.
• إجمالي الدهون: 0.15 جرام.
• الكربوهيدرات: 75 جرامًا.
• الألياف الغذائية: 6.7 جرامات.
• نسبة السكر في التمر: تصل إلى 66.5 جرامًا.
• حديد: 0.9 مليجرام.

يعزِّز التمر صحة الجهاز الهضمي لأنه يحتوي على نسبة عالية من الألياف لنباتية، تلك التي تنظم حركة الأمعاء، وهو منظم طبيعي لنسبة السكر في الدم، كذلك يُسْهِم التمر في تعزيز صحة العظام، ويقلل فرص الإصابة بفقر الدم.

فضلًا عن أن تناول التمر لمرضي السكري لا يسبب ارتفاع مستوي السكر بالدم، لأنه يمتلك مؤشرًا جلايسيميًّا منخفضًا، أيْ إنه ضِمْنُ الأطعمة غير المسبِّبة لارتفاع مستوي السكر بالدم، وهو ما يفسر الإجابة عن سؤال هل اكل التمر يرفع السكر؟

يبقى السؤال هنا كيف لمرضي السكري تناول التمر بأمان؟، وكم حبة تمر يأكل مريض السكر؟، وما هي أفضل انواع التمور لمرضي السكري، ما العدد المناسب لتناول التمر لمرضي السكري؟

أثبتت دراسة بحثية سابقة أن أفضل انواع التمور لمرضي السكري (الفرض، واللولو، وبومعان، والدباس، والخلاص) تمتلك مؤشرات جلايسيمية منخفضة، ولا تتسبب في ارتفاع مستوي السكر في الدم، ويمكن استهلاكها لمرضي السكري استهلاكًا آمنًا، ولكن لا يزال الأمر يحتاج إلى مزيد من الدراسة البحثية للتحقق من مدى أمان انواع التمور تلك لمرضي السكري.

جميع انواع التمور تحتوي على السكريات، ويصبح الاعتدال في تناول التمور لمرضى السكر هو الحل الأمثل بغض النظر عن نوع التمر المتناوَل.

يفضل الاعتدال في تناول التمر لمرضي السكري، وننصح بتناول ما لا يزيد عن ثلاث تمرات يوميًا لمرضي السكري؛ إذ أُجريت دراسة على أشخاص مصابة بالسكري من النوع الثاني، تناولوا ثلاث تمرات يوميًا  لمدة 16 أسبوعًا، وتبيَّن من النتائج انخفاضٌ كبيرٌ في الكوليسترول الكُلِّي وعدم زيادة في مستوى السكر في الدم أو السكر التراكمي (HbA1C).

نتائج المراجعة النقدية

وفقًا لما تناولناه في الأعلى عن عرض لأهم الدراسات السابقة المتعلقة بمدى سلامة التمر لمرضى السكر، توصلت هذه المراجعة البحثية أن ثمار التمر لا تقتصر فقط على كونها آمنة لمرضى السكر، بل إنها تساهم في تعزيز وإدارة مرض السكري، ناهيك عن الفوائد الصحية الأخرى لثمار التمر.