عنوان الدراسة/ تقييم السكريات المختزلة والاحماض العضوية والحجم واللون والملمس في 21 نوعًا من انواع التمر الاماراتي

الباحثون/ سامي غنيمي، ومنى الشبلي، وحنان راشد اليماحي، وعائشة الظاهري، وفاطمة الجابري، وبابوكار جوبي، وعفاف كمال الدين

يرجع تاريخ زراعة نخيل التمر إلى عام 4000 قبل الميلاد، فقد اعتمد الإنسان قديمًا على جذوع النخيل في بناء المعابد، وارتبطت شجرة النخيل بتطور الحضارات، وكانت رمزًا للحياة آنذاك، واعتبر الإنسان القديم ثمار التمر فاكهة مهمة ذات قيمة عالية ومكانة كبيرة، ولا سيَّما في العديد من الدول الأفريقية الشرق الأوسط وآسيا، ونعود لعصرنا هذا لنجد أنَّ شجرة التمر لا زالت تحتفظ بمكانتها عالميًا، والدليل على ذلك وجود أكثر من 100 مليون نخلة على مستوى العالم، ليصل إنتاجها من التمور عالميًا إلى 7.5 مليون طن سنويًا.

تمثل ثمار التمر مصدرًا غنيًا بالألياف الغذائية والفيتامينات والمعادن، ومضادات الأكسدة، والاحماض العضوية وغيرها من العناصر الغذائية المهمة مما يجعلها ذات أهمية كبيرة، ومع كبر حجم الإنتاج العالمي من التمور تحتاج التمور إلى تقييمها سواء من المستهلكين أم من التجار؛ مما يجعل عملية التقييم تمثل تحديًا كبيرًا، وبناءً على استطلاعات المستهلكين حُدّدت بعض العناصر التي على أساسها قُيّمت جودة التمور، مثل: حجم الثمرة ولونها وملمسها وطعمها، وهذا ما هدفت إليه الدراسة.

تقييم السكريات المختزلة والاحماض العضوية

هدفت الدراسة إلى تقييم جودة 21 صنفًا من أصناف التمر الإماراتي، هي : (تمر الريس، وتمر عنوان ، والتمر البرحي، وتمر بومعان، وتمرالفرض، والتمر الهلالي، والتمر الجبري، وتمر جش سويح، وجش حبش، وتمر خلاص، وتمر خصاب، وتمر خنيزي، وتمر لولو، وتمر المجدول، وتمر نبتة سيف، وتمر قطارة، والتمر الصقعي، وتمر اصبع العروس، وتمر سلطانة، وتمر اليواني، وتمر الزهدي)، من خلال 23 معيارًا كميًا فيزيائيًا وكيميائيًا، مثل: وزن الثمرة والبذرة وطولهما وقطرهما وحجمهما ولونهما وملمسهما وإجمالي محتواهما من السكريات المختزلة والاحماض العضوية.

نبذة عن ثمرة التمر

تتنوع أشكال ثمرة التمر من بين الشكل المستطيل أو البيضاوي أو الإسطواني، وتتراوح حجم الثمرة من 3 سم إلى 11  سم في الطول و2 سم إلى 3 سم في القطر، أما بخصوص اللون فما أكثر ألوان التمور! ما بين اللون الأصفر، والبني، والأحمر، والأسود. 

تتكون ثمرة التمر من أربعة أجزاء رئيسية، وهي:

1.  النواة التي تقع في وسط التمرة وتعرف بالبذرة.
2. الطبقة الداخلية المحيطة بالنواة، وتسمى (endocarp).
3. اللحم، وهو الجزء الحلو والأكبر من الثمرة، غني بالسكريات والألياف وينقسم إلى قسمين:

• اللحم الخارجي (outer-mesocarp): يقع بالقرب من القشرة الخارجية.
• اللحم الداخلي (inner-mesocarp): يقع بالقرب من النواة.

4. القشرة الخارجية التي تحمي الثمرة من التلف وتسمى (pericarp).

تُصنف التمور من حيث درجة الرطوبة إلى ثلاثة أنواع رئيسة، هي:

1. التمور الطرية (Soft): تحتوي على نسبة رطوبة تساوي 30% أو أكثر، ويتحول فيها كل محتوى السكروز في أثناء النضج إلى السكريات المختزلة، مثل: الفركتوز والجلوكوز.
2. التمور نصف الجافة (Semi-dry): تتراوح نسبة الرطوبة فيها بين %20 و 30%، وتحتوي على السكريات المختزلة وبعضًا من السكروز في بعض أصناف التمور، وتمثل هذه الفئة معظم أصناف التمور الموجودة في الإمارات العربية المتحدة والدول المجاورة.
3. التمور الجافة (Dry): تحتوي على نسبة رطوبة أقل من 20% ، وتحتوي على سكر السكروز بصورة أساسية.

تحضير عينات ثمار التمر

جمعت العينات لواحد وعشرين صنفًا من أصناف التمور المزروعة في الإمارات العربية المتحدة، وكانت جميعها في مرحلة الرطب (أي مرحلة النضج الكاملة)، وجُمعت ثلاث عينات عشوائيًا من ثلاثة مواقع مختلفة في إمارة أبوظبي (أبوظبي، والمنطقة الشرقية (العين)، والمنطقة الغربية (الظفرة)) دون التفضيل في الحجم أو اللون أو المظهر، وخزنت في الثلاجة لحين تحليلها.

القياسات الفيزيائية

سُجلت اوزان الثمرة والبذرة بالجرام وأبعادها (الطول والقطر) بالسم، وأحجامها بالمللي، ولونها وفقًا لمقياس لوني، وتحدد وزن لحم ثمرة التمر على أنه وزن الثمرة ناقص وزن البذرة. 

واستخدمت تقنية تحليل الملمس الآلى لتحديد ملمس ثمار التمر وذلك من خلال ضغط عينة ثمرة التمر مرتين بين سطحين متوازيين؛ لمحاكاة عملية المضغ وتحديد صلابة الثمرة وقوتها ومرونتها وقوة تحملها، ومن ثم معرفة كيف تؤثر فيها عوامل النضج أو التخزين.

تحليل السكريات والاحماض العضوية

قيس محتوى ثمار التمر من السكريات والاحماض العضوية باعتبارها مؤشرات للطعم الحلو والحامض، وتُعرف الاحماض العضوية بأنها مركبات كيميائية تحتوي على مجموعة كربوكسيل (-COOH) مرتبطة بذرة كربون أخرى، وتُشتق من الكائنات الحية، مثل: النباتات والحيوانات.

إليك خطوات تحليل السكريات والاحماض العضوية:

1. أخذت عينات وزنها 1 جرام ووضعت في أنابيب مخبرية بلاستيكية شفافة تسمى فالكون.
2. خُلطت العينة باستخدام جهاز الخلط والتجانس (homogenizer).
3. استُخدم 10 مل من حمض الفوسفوريك بتركيز 0.1٪ لفصل السكريات والاحماض العضوية عن باقي المكونات مع استخدام جهاز الطرد المركزي ثم صُفي السائل للحصول على محلول نقي.
4. حُددت كمية السكريات والاحماض العضوية باستخدام جهاز كروماتوجرافيا السائل عالية الأداء (HPLC). 

نتائج الدراسة 

كانت هناك اختلافات واضحة بين الواحد وعشرين نوعًا من أنواع التمور الإماراتية محل الدراسة، وذلك من حيث وزن الثمرة وأبعادها ولونها وملمسها وقوامها وحجم البذرة ووزنها، فعلى سبيل المثال: كان وزن ثمرة تمر الخلاص ما بين 7 جرامات إلى 10 جرامات وفقًا لحجها، وكانت ثمار تمر الصقعي وتمر سلطانة وتمر الهلالي الأكبر في الوزن مقارنة بتمر إصبع العروس والتمر البرحي وتمر لولو، وتمر اليواني.

أما بخصوص محتوى الثمار من السكريات المختزلة التي يرجع إليها حلاوة التمور والاحماض العضوية التي تساهم في الطعم الحامض للثمرة، فكانت السكريات المختزلة (الجلوكوز والفركتوز) والتي تُنتج عن طريق تحلل السكروز، هي السكريات الأساسية في أصناف التمور محل الدراسة، بينما كانت الاحماض العضوية الرئيسية في ثمار التمر: حمض الماليك وحمض الخليك وحمض الستريك، أما أحماض الفورميك والفوماريك والأكساليك والطرطريك فكانت موجودة بتركيزات أقل.

كذلك وجد أنَّ هناك علاقة بين طول الثمرة وطول البذرة، فكلما زاد طول الثمرة، زاد طول البذرة، وعلى النقيض لا توجد علاقة قوية بين وزن الثمرة ووزن البذرة، كما وجد ارتباطٌ إيجابي بين درجة لمعان لون الثمرة واحمرارها واصفرارها، فكلما كان لون التمر أغمق (مثل: أصناف عنوان، وتمر الفرض، وتمر الخصاب)، قلَّت نسبة احمراره واصفراره بالمقارنة مع الأصناف الأفتح لونًا (مثل: تمر الخلاص وتمر المجدول)، وبصفة عامة يتراوح لون التمر بين الأصفر والبني والأحمر والأسود بسبب وجود أصباغ مختلفة.

لم تكن هنا علاقة واضحة بين محتوى السكريات وملمس الثمرة، وربما يُعزى ذلك إلى تقارب مستويات السكريات في الواحد وعشرين نوعًا من أنواع التمور محل الدراسة، ووجدت علاقة بين الأحماض العضوية (مثل: حمض الخليك وحمض الماليك) ولون الثمرة، فعلى سبيل المثال، يميل التمر الفاتح والأصفر إلى احتواء المزيد من حمض الخليك، بينما يقل محتوى حمض الماليك في التمر الأحمر؛ ونفسر ذلك بأن الاحماض العضوية قد تؤثر في اللون في أثناء النضج من خلال تفاعلات كيميائية معينة، ومع ذلك لا زال هناك حاجة إلى إجراء مزيد من البحث لفهم دور الاحماض العضوية في لون التمر بشكل كامل.

في النهاية، لا يزال هناك حاجة ماسة لإجراء تحليل شامل للعلاقة بين الخصائص الفيزيائية لثمار التمر، مثل: اللون والملمس والحجم، والمكونات الكيميائية بما في ذلك الرطوبة والسكريات والاحماض العضوية والألياف الغذائية ومضادات الأكسدة وغيرها من المكونات، وإن كانت رحلتنا مع هذه الدراسة قد انتهت فلن تنتهي أبحاثنا حول ثمار التمر فما زال هناك مزيد من الأسرار لُتُكتشف!